وكأننا نحلم!
هل صحيح ما شاهدناه من اعتصام ومحاولات لاقتحام مبنى وزارة الدفاع وتخطى الأسلاك الشائكة وقذف بالطوب واستخدام الرصاص الحى، حقيقي؟! أم أنها أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام براغبين!.
المشهد عبثى وغير مفهوم وعندما حوصرت وزارة الداخلية، المؤسسة المعنية بالأمن قلت سابقا إن هذا مخطط ويدبرون له بليل، لكن ما يحدث فى العباسية لا يمكن بأى حال من الأحوال فهمه على أنه حق مشروع للتظاهر وإلا لأصبحنا نهذى بكلمات ليس لها معنى!.
فقدان اليقين هو الأزمة لأمة ضلت الطريق ولم تجد من يرشدها سوى هواة وعديمى خبرة وإذا أصبحنا أكثر صراحة، لقلنا إنهم تحالفوا مع الشيطان الذى يشجع أتباعه على البغض والكراهية حتى أشاعوهما فى المجتمع وأصبحنا لا نعرف فى اللغة كلمات سوى العنف والتخوين والكره وشعارات محفوظة بسقوط العسكر وبذاءات ليست من شيم المواطن المصرى المحترم والمسكين فى آن واحد.
الشيطان يعد بالفقر وهو حال وطن يتهاوى جيبه بشكل يدعونا للفزع من أبناء أقسموا على أن يصلوا لنهاية لا تليق بشعب عظيم وكريم.
لنحاول أن نقرأ المشهد دون أن نزعم بالقدرة على الفهم لأنه صعب المنال لكننا مع من يزعمون بأنهم يقرأون ولأن الخطاب يقرأ على أوجه لا تتكامل فيه الرؤى لكنها تسير فى تضاد بحيث يستحيل أن تلتقى الأطراف، ونتفهم أن الخلاف أمر صحى، لكن هل يصح أن نختلف فى البديهات وأول بديهية هى التشكيك المستمر فى الجيش المصرى ومحاولة خفض روحه المعنوية وجعله فى حالة احتقان مع شعبه فتراهم يصممون الأفلام التى تحمل عنوانا (عسكر كاذبون) ويعرضونها للجنود، تخيلوا، هل هذا معقول؟
هل يمكن أن يكون هؤلاء من أبناء وطن يحرصون على أمنهم القومى ويدافعون عن خير أجناد الأرض، وهل لو أردات القوى الصهيونية أن تخفض معنويات الجندى المصرى هل ستفعل أكثر من ذلك؟!.
إن الزحف نحو العباسية كان محاولة إسقاط واضحة للدولة، وهى مؤامرة دبرت بنهار بلغت فيه الوقاحة درجة عالية، حتى أصبح يعلن عن ذلك صراحة، ويحاولون أن يقنعونا أنه مد ثورى ووطنية صارت تزكى على الله من مات منهم شهيدا، ونسأل عن ما أوردته الصحف العالمية عن أحد الجنود المصريين قوله إن المتظاهرين يعتقدون بأنهم سيدخلون الجنة لو قتلوا واحدا منا !وهو مؤشر خطير يبين أن الجندى المصرى الذى هو قواتنا الاستراتيجية صار فى جدال حول هؤلاء الذين ارتدوا ثوب الثورية والوطنية وبدت عوراتهم لكذبهم القبيح لكونه فاضحا لجهلهم الشديد.
إن مشهد حصار وزارة الدفاع أصابنا بالألم الشديد ولكونه كشف أشخاصا وأحزابا ومجموعات من التيارات فهمنا من مواقفهم أنهم أبعد ما يكونون عن رؤية الواقع وعدم خوفهم على تراب هذا الوطن العزيز، فلم نكن نتخيل أن تدين شخصيات ذات وزن سياسى فى المجتمع ما فعله الجيش الباسل بالدفاع الشرعى والواجب عليه تجاه وطنه بأن أزاح هؤلاء من ميدان العباسية بالكامل وأرسل لنا رسالة تطمين لنا نحن الشعب بأن قواتنا المسلحة بخير، ألم يسألوا أهالى العباسية؟.
ألم يشعروا بخوف الأطفال بعد ما ذكر أحد الأهالى بأنه اختبأ فى الحمام من طلقات نيران البلطجية ؟.
ألم يشعروا بإخواننا فى العباسية بعد فض الاعتصام ونزولهم الشارع للاحتفال مع الجنود بزوال هؤلاء ؟.
ألم يشعروا بالخجل من استخدام دور العبادة للقتال؟!، هل انقلبت المفاهيم وصار البلطجى هو الثائر وهو الذى يملك الشرعية؟.
ألا تخجل قيادات الحرية والعدالة وهم يدينون الجيش على استخدامه للقوة فى فض الاعتصام وهل نسوا يوم حاصر المتظاهرون مبنى مجلس الشعب ويوم صرخوا فى المجلس عن سبب ترك هؤلاء هكذا، يمنعون النواب من الدخول ويجعلونهم يخرجون من الباب الخلفى وأحد النواب تسلق كى يدخل المجلس؟.
ألا يخجل الثوار الحقيقيون وهم يشاهدون جيشهم محاصرا من متعصبين لا يريدون الخير للوطن ولا يتحركون لكى يوضحوا للرأى العام أن هؤلاء خارجون عن القانون؟.
ألا نخجل جميعا من لحظات الرعب التى عاشتها الأمهات وأولادهن وخوفهن من النزول للشارع وللمدارس والخوف من فتح المحلات فى العباسية؟.
ألا يخجل نواب البرلمان من عدم تأييدهم للمؤسسة العسكرية حين استعادت أمن منطقة العباسية فى دقائق وظلوا يستنكرون ما فعلوه وكأنه كان واجبا عليهم أن يسمحوا للبلطجية أن يقتحموا مقراتهم ويتركوا الفوضى تعم الشوارع والميادين؟.
ألا يخجل حزب الأغلبية والتيار المحسوب على الإسلام السياسى من نزولهم الميدان وهم أصحاب السلطة التشريعية فى البلاد؟.
إن الأسئلة تضعنا على باب الفهم، خصوصا مع حملة إعلامية كاذبة حول أداء الجيش حيث صوروهم كأنهم لا يملكون الشرعية لإدارة البلاد، وزعموا أنهم اقتحموا مسجد النور بالعباسية كذبا وبهتانا بأحذيتهم وفضحتهم الصور التى تظهر أن خير أجناد الأرض يعرفون كيف يتعاملون مع بيوت الله بما تستحقه من وقار وتقدير.
إن القوات المسلحة أمينة على وطنها وهؤلاء اتبعوا خطوات الشيطان الذى أعمى بصائرهم عن حب وطنهم ولم يريدوه وطنا ولا دولة، تنهض بعد عقود من الظلم الاجتماعى والفجر السياسى.
هل هؤلاء يحبون وطنهم؟ إن كانوا كذلك فلماذا يشعلون النار فى أرجائه، وهل طغى عليهم صوت الشيطان فأنساهم الخوف من الله يوم يسألهم عن بيوتهم ونيرانها وهل سيتهمون الشيطان وقتها بأنه كان مسئولا عن أفعالهم التى أثارت الفوضى فى المجتمع.