لكل شعب إذا ما ثار طوفـــــــان وثورة الحق ضد الظلم بركـــان
إذا الشعوب تجلت وهى غاضبة تزلزلت من عروش البغى أركان
ما عز طاغية والشعب منتبــــــه ولا تضيع حقوق وهو يقظــــــان
يا ثورة باركتها الأرض فانتفضت فلول حزب بغى فيها وأعـــــوان
هذى جموع للشبـــــاب تكدســـت كالموج أسلمه بحــــــــر وشطآن
تخال من حشدهم أن القيامة قـــا مــت قبل موعدها وامتـــد ميزان
توحدت فى ربوع النيل صرختهم وضمهم فى سبيل الأرض ميـدان
قاموا فقالوا غدا للحق ملحمـــــة يحيا بها شعب لفـــّته أكفــــــــان
قف يا زمان وسجل تلك ثورتنـــا يزهو بها زمن تتلــــوه أزمــــان
وافتح لنا صفحة بيضاء ناصعـة لا زيف فيها وفيها الحب عنوان
نمحو بها من ليالى العار سابقة ما خطها إنس من قبل أو جـــان
ما العيش فى وطن ذلت كرامته وغاب عن أرضه شمس وتيجان
وما الحياة بأرض أهلها أسرى قيد السجون وكل الأرض قضبان
وكيف تحيا الرؤى فى ظلمة دهمت يدوس أحلامنا بالنعل سجـــــــان
عزّت علينا المنى والأفق مكتئب ولم يعد فى سماء الحلم ألــــوان
ما للكنانة ترمى فى ضمائرهــــا وتشترى ذمم فيها وإنســـــــــان
مصر التى بعثت فى الأولين الهدى وانشق عن نورها علم وإيمـــــان
وفى ثراها نما التوحيد مزدهـــــرا وذاع فى أرضها للفن بستــــــان
أتلك مصر التى طابــت مناهلهــــا وأمّها من سحيق الأرض ضيفان
أتلك مصر التى جـــــــادت أناملها فأطعمت يائسا وازدان عُريـــــان
أتلك مصر التى شادت أوائلهــــــا ما حيّر العقل سرا وهو بُنيــــــان
ظلام عهد محا فينـــــــــا ملامحنا حضارة زانها صفح وغفـــــــران
من جاء بالأسود العنسى يحكمنا وحوله من رءوس الشر غيــــلان
جاءوا إلينا كما جاء الجراد ضحى لم يتركوا الأرض إلا وهى عيدان
باعوا لنا وهما وسوقوا دجـــــــلا وهم سماسرة فى الأرض حيتان
فى أى دين يبيع الأرض غاصبها ويستباح ثراها وهى أوطـــــــان
سحقا لمن باعوا من مصر شبرا هل تعدل العين إن غاليت أثمــان
هم الطغاة فلا سيما تميزهـــــــم إلا كما امتاز بالإجرام شيطـــــان
هم العصاة فلا ديــــن ولا خلـــق لا عيب فيهم إلا أنهم خانــــــــوا
هم الغلاظ فما هزت جوانحهـــم دموع بؤس لها فى الخد نيـــران
بحر من الخير ملآن يفيض غنــى والشعب يحرم منه وهو مـــــــلآن
ترابها ذهـــــــب ونيلهــــــا لجـــب قناتها عجب والشعب جوعــــــان
عافت بلابلنا أغصان جنتنــــــــــــا وصاح من بعدها بوم وغربـــــان
والغرس من نحسهم قد بات مكتئبا فليس يثمر إلا وهو غضبـــــــــان
تبكى المساجد من ظلم الطغاة لهــا فى كل مئذنة دمع وأشجـــــــــان
لها أنين علا فى كـــــــل قاصيـــــة هن الثكالى ودين الحق حيـــــران
وفى الكنائس صمت لا يبـــاح بـــه والصمت أبلغ لو لم يغن تبيــــان
طلائع النيــــل للتاريخ ثورتكـــــــم وللمعالى وللأمجـــــاد برهـــــان
فقد بعثتم لنا فـــى ليلنــا فجـــــــرا فأشرق الصبح فينا وهو نشــوان
وأورقت فى سماء الخالد أمنيــــة وغردت فى جنان الحب ألحــــان
وبالدماء رويتم حلـــــم ثورتنــــا فاخضر فى عودها ساق وأغصان
ومصر غالية فى أرواحنا كتبــت آيات عشق لها والعشق قربـــــــان
ولن نبيع ثراهـا طالمــــا بقيــت فينا دماء وفى الأجسام شريـــــــان