إنَّ الاعتكافَ في محرابِ العلم سمة العلماء الجادين الذين لا يألون جهدًا في سبيل علمهم والتواصل الفكري مع تراثهم وقراءةِ آفاق مستقبلهم مهما تجاهلهم الآخرون؛ لأنهم لا يسعون إلى مآرب أخرى غير العلم والتعبد به.. من هؤلاء العباد الدكتور تمام حسان عمر عميد كلية دار العلوم الأسبق وأستاذ علم اللغة الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والآداب العام 1426هـ- 2006م.
وجائزة الملك فيصل أنشأتها مؤسسة الملك فيصل الخيرية عام 1397هـ 1977م ويتم منحها للعلماء الذين برزوا في مجالات الدراسات الإسلامية والأدب واللغة العربية والطب والعلوم.
وقد وُضعت عدة أهداف للجائزة منذ نشأتها، وهي العمل على خدمةِ الإسلام والمسلمين في المجالات الفكرية والعلمية وتحقيق النفع العام للمسلمين في حاضرهم ومستقبلهم والتقدم بهم نحو ميادين الحضارة والمشاركة فيها وتأصيل المثل والقيم الإسلامية في الحياة الاجتماعية وإبرازها للعالم والإسهام في تقدم البشرية وإثراء الفكر الإنساني.
وتكون الجائزة عبارة عن براءةٍ مكتوبةٍ بالخط الديواني داخل ملف من الجلد الفاخر تحمل اسم الفائز وملخص للإنجازات التي أهلته لنيل الجائزة وميدالية ذهبية عيار 24 وزن 200 جرام ومبلغ 350 ألف ريال ثم رُفع إلى 750 ألف ريال سعودي بما يُعادل 200 ألف دولار.
وهذه الجائزة قد حققت أهدافها لاجتهاد القائمين عليها في تطبيق نظامها القائم على الحياد وتنفيذهم لإجراء الترشيح بدقةٍ وإحكام، وقد حاز عددٌ من الفائزين بها بعد فوزهم على جائزة نوبل مما يعكس قدر الجائزة، ومنهم العالم المصري الدكتور أحمد زويل الذي فاز بها عام 1989م.
وقد فاز بالجائزة كثيرٌ من الأعلام في مجال خدمةِ الإسلام والدراسات الإسلامية والعربية، ففي مجال خدمة الإسلام فاز بها أبو الأعلى المودودي "باكستان" عام 1979م، وكان أول مَن فاز بها أبو الحسن الندوي من الهند وحمد بن ناصر من إندونيسيا والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق والشيخ محمد الغزالي والرئيس البوسني علي عزت بيجوفيتش والشيخ جاد الحق علي جاد الحق- رحمهم الله- ورئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد والرئيس السنغالي عبده ضيوف والمشير عبد الرحمن سوار الذهب.
أما في مجال الأدب ففاز بها أعلامٌ أيضًا أهمهم إحسان عباس والدكتور عبد القادر القط وعبد السلام هارون والدكتور ناصر الدين الأسد والدكتور شوقي ضيف والمحقق العلامة محمود شاكر وشاكر تمام والدكتور يوسف عبد القادر خليف والأديب يحيى حقي وبنت الشاطئ الدكتورة عائشة عبد الرحمن وعبد التواب يوسف والدكتور محمد بدوي وشكري عياد والدكتورة مكارم الغمري مشاركةً مع الدكتور سعد بن عبد السلام من المغرب، والناقد الدكتور عز الدين إسماعيل والدكتور حسين نصار عميد كلية الآداب جامعة القاهرة الأسبق.
وفي الدراسات الإسلامية فاز بها الدكتور فؤاد سزكين من تركيا والدكتور محمد مصطفى الأعظمي من السعودية والدكتور محمد نجاة صديقي من الهند والشيخ محمد عبد الخالق عظيمة والدكتور يوسف القرضاوي بمشاركة الشيخ السيد سابق من مصر والدكتور عبد الكريم زيدان من العراق.
ويأتي اسم الدكتور تمام حسان الذي فاز بالجائزة بمشاركة المغربي الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري، بعد رحلةٍ طويلةٍ في مجال الدراسات اللغوية التي استمرت أكثر من 70 عامًا.
ولد الدكتور تمام حسان بقرية الكرنك في 27 يناير 1918م بمحافظة قنا (صعيد مصر) وينتمي بذلك إلى الجيل الذهبي من علماء الأمة الذين أتيح لهم التكوين الديني والعلمي الرصين فقد أتم